٢ – هل يخرج الرب من قلب المسيحيين المعمدين؟ حتى يحتاجوا إلى دعوته لدخول قلوبهم من جديد؟
الإجابة: إنه على المستوى اللاهوتي والعقيدي نقول لا. لأن الرب لا يخلو منه مكان، كما نقول في الأجبية: “أيها الملك السماوي .. الحاضر في كل مكان والمالئ الكل…”
ولكن على المستوى الروحي نجد إجابة على هذا التساؤل بتعبيرات لها مدلولاتها الروحية التي نورد بعضا منها:
(1) عدم وجود الرب في القلب:
الواقع أن هذا التعبير صعب للغاية، فكيف لإنسان مسيحي معمد لا يكون الرب في قلبه. نعم على المستوى اللاهوتي والعقيدي نقول إن هذا الأمر في غاية الصعوبة، ولكن على المستوى الروحي والعملي يعبر عن حالة الشخص البعيد عن الرب بهذا التعبير. ونستطيع أن نفهم ذلك من أقوال معلم الأجيال فيما يلي:
(كتاب اليقظة الروحية ص25و26) [ث] يقول أيضا قداسته عن المسيحيين الاسميين الذين يعيشون بعيدا عن الرب في حياة الخطية [الشخص الذي يحب الخطية لابد سيسقط فيها… أمثال هؤلاء … ما زالوا يعتقدون أن الشر لذيذ، والخطية حلوة ومشتهاة… إنهم لم ينتصروا في الداخل، ولم يسكن الرب في قلوبهم…] (كتاب انطلاق الروح ص79و80) [ج] ويقول أيضا: [كيف يكون روح الرب القدوس ساكنا فينا (1كو 3: 16) ونحن نرتكب الخطية، بينما هيكل الرب مقدس هو (1كو3: 17)] (كتاب الرجوع إلى الله صفحة 13)
هذا وهناك تعبير آخر أكثر صعوبة عن هذه الحالة هو:
(2) رفض الرب وطرده من القلب:
[أ] وهذا ما عبر عنه قداسة البابا شنوده الثالث بقوله:
[وتسأل عن مركز الرب في قلبه أو مركز الروح أو الأبدية فلا تجد… إلا هذه الحقيقة المرة: لقد طردنا صاحب البيت وأسكنا في مكانه الغرباء].
(كتاب اليقظة الروحية ص26)
[ت] وأيضا يقول قداسته: [الخطاة ينفصلون عن إرادة الرب وينفصلون عن إدارة الرب … وقد عبر الربعن هذا الانفصال بقوله: “رفضوني” و “تركوني”. فقال: “تركوني أنا ينبوع الماء الحي وحفروا لأنفسهم آبار، آبارا مشققة لا تضبط ماء” (ار2: 13). وقال أيضا “رفضوني أنا الحبيب مثل ميت مرذول” (مز37: 21). نعم الخطية هي … ترك للرب ورفض له. فالخاطي لا يشعر بحب نحو الرب ولا بدالة معه].
(كتاب الرجوع إلى الله صفحة 9) [ث] ومن أقواله أيضا عن هذه الحالة الصعبة: [المسيح المرفوض لا يجد منادي عندما يقول: “هأنذا واقف على الباب وأقرع إن سمع أحد صوتي وفتح الباب أدخل إليه وأتعشى معه وهو معي”
ويكمل كلامه قائلا: ولكي لا نلوم الآخرين مفروض أن نطبق هذا على أنفسنا، فكثيرين يقولون أن المسيح جاء إلى اليهود وهم رفضوه، ولكن أنت يا عزيزي هل قبلته؟ نحن نرفضه كل يوم … فيرد قائلا “رفضوني أنا الحبيب مثل الميت المرذول” المسيح مازال يقرع على الباب “صوت حبيبي قارعا، افتحي لي يا حبيبتي … لأن رأسي امتلأ من الطل وقصصي من ندى الليل”. المسيح يتوسل بكلمات كلها رقة للنفس البشرية … ولكننا نرد قائلين له “قد خلعت ثوبي فكيف ألبسه” المسيح المرفوض الأبرع جمالا من بني البشر قلبا محبا حنونا] (كتاب محبة الله 12و13) [ج] وفي هذا المعنى يقول القمص تادرس يعقوب: [إنك لا تسمح لي (أي للمسيح) أن أدخل إلى أعماقك، بل تدفعني منها. أريد أن أقيم عرشي فيك… إني أقرع باب قلبك وأنت لا تفتح. إنك تنساني منشغلا بالتراب، أما أنا فلا أنساك] (مكتبة للفتيان الجزء الثالث صفحة 243)
(3) تحدي الرب:
يقول قداسة البابا شنوده الثالث:
[الخاطئ له طريق آخر غير طريق الرب. إنه قد انفصل عن الرب في التصرف وفي الأسلوب وفي المشيئة. فأصبحت له مشيئة غير مشيئة الرب، وصار يريد ما لا يريده الرب، وأنه إنسان يتحدى الرب بلا خوف، ويكسر وصاياه. وفي كسره لوصايا الرب يكون قد انفصل عن محبته أيضا]
(كتاب الرجوع إلى الله صفحة 8)
(4) بل هناك تعبير هو أكثر صعوبة من كل التعبيرات السابقة عن حالة المسيحي المعمد المنفصل عن الرب وهو تعبير الموت:
[أ] فقد كتب البابا شنوده الثالث قائلا: “وبالانفصال عن الرب انفصال عن الحياة”، لأن الله هو الحق والحياة (يو14: 6) وإذا انفصل الإنسان عن الحياة الحقيقية التي هي الثبات في الرب أصبح من الناحية الروحية ميتا، حسبما قال الأب عن ابنه الضال “ابني هذا كان ميتا ...” (لو15: 24) وصار ينطبق على الإنسان قول الرب “لك اسم أنك حي وأنت ميت” (رؤ3: 1)(كتاب الرجوع إلى الله صفحة 32) [ب] وكتب عن ذلك أيضا قائلا: [الإنسان الذي يعيش في الخطية بعيدا عن الرب يشبهه الكتاب المقدس بإنسان نائم … بل إن القديس بولس لا يعتبره نوما فقط، بل ما هو أكثر من هذا إنه موت، لأن الخطية هي موت. والخطاة “أموات بالخطايا”] (أفسس2: 5) لذلك يقول الرسول “استيقظ أيها النائم وقم من الأموات فيضيء لك المسيح” (أف5: 14)] (كتاب اليقظة الروحية صفحة 7و8)